جدل الدعم المباشر يتصاعد.. والبواري يدفع المسؤولية نحو الولاة والعمال

رغم التحسن الملحوظ في الوضعية المناخية وعودة التساقطات المطرية خلال الموسم الحالي، عاد وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، إلى تكرار خطاب الجفاف الذي ظل معتمدا طيلة السنوات الماضية، في وقت يرى فيه عدد من المهنيين أن استمرار التمسك بخطاب الأزمة لم يعد يعكس بدقة واقع الحقول ولا واقع الأسواق، خاصة بعد الانتعاشة التي شهدتها عدة مزروعات وعلى رأسها الزيتون الذي تراجع سعر زيته بشكل كبير.

وخلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، اكتفى الوزير مجددا بتحميل محدودية الإنتاج الفلاحي لنقص حصص مياه السدود، مؤكدا أن القطاع لم يحصل سوى على 20 في المائة من حاجياته خلال السنوات الأخيرة، وأن الموسم الحالي لم يمنح الفلاحة سوى 452 مليون متر مكعب، أي ما يعادل 8 في المائة فقط من الحاجيات. غير أن هذا التبرير بات يثير تساؤلات، خصوصا أن الفترة الأخيرة عرفت تحسنا ملحوظا في التساقطات، وهو ما كان يفترض أن ينعكس على خطاب الوزارة التي تواظب على استدعاء مبرر الجفاف حتى حين تتحسن المؤشرات.

وقدم البواري تصريحات جديدة حول قدرة الفلاحة الوطنية على الحفاظ على الإنتاج وضمان تزويد الأسواق، لكنه نسب هذا “الصمود” بالأساس إلى مخطط المغرب الأخضر الذي انطلق منذ 2008، في حين ترى أصوات في القطاع أن الحكومة الحالية مطالبة بتقديم معطيات أكثر دقة حول الفعالية الحقيقية للبرامج الراهنة، بعيدا عن الاكتفاء باستحضار المخططات السابقة كشعار جاهز لكل مناسبة.

كما قدم الوزير أرقاما جديدة حول القطيع الوطني الذي يبلغ 32.8 مليون رأس، إضافة إلى 1.2 مليون كساب، وتوقف عند برنامج الدعم المباشر الذي أثار الكثير من الجدل. غير أن الأرقام التي أعلن عنها، صرف 3 مليارات درهم لفائدة 714 ألف مربي منذ 5 نونبر 2025، لم ترفق بتوضيح كاف حول معايير الاستفادة ولا حول الآليات العملية لضمان عدالة توزيع الدعم، وهي نقاط يشتكي منها مربو الماشية أنفسهم، ما دفع الوزارة إلى فتح قنوات للشكايات وإحالتها على لجان محلية تحت إشراف الولاة والعمال.

وفي الوقت الذي يقدم فيه الوزير هذه الأرقام بشكل إيجابي، يرى مراقبون أن جزءا كبيرا من الإشكال يكمن في غياب تقييم فعلي لنجاعة الدعم وتأثيره على أسعار اللحوم وعلى استقرار الأسواق، خاصة أن تكلفة هذه البرامج المالية الضخمة لا تزال أكبر من النتائج الملموسة على أرض الواقع.

وبين خطاب الجفاف المستمر، وتبرير محدودية المياه، والاعتماد الكبير على دعم مالي مثير للجدل، تبدو الحاجة ملحة إلى مقاربة أكثر وضوحا وواقعية تقدم للمغاربة صورة دقيقة عما يجري فعلا في القطاع الفلاحي، بعيدا عن تكرار سرديات جاهزة لم تعد تقنع المتتبعين ولا الفاعلين في الميدان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *