“الأحرار” يقتحمون قلعة الوزير بنسعيد.. صراع انتخابي مبكر يشعل مواجهة غير مسبوقة مع “البام”

في خطوة تحمل أكثر من رسالة انتخابية، وتكشف بداية سباق محموم بين التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، اختارت قيادة حزب “الحمامة” تنظيم اللقاء الجهوي لـ“مسار الإنجازات” في حي يعقوب المنصور بالرباط، أحد أهم معاقل “البام”، وخصوصا الدائرة التي تعد رصيدا سياسيا للوزير المهدي بنسعيد. هذا الاختيار لم يكن مجرد صدفة تنظيمية، بل إعلان مباشر عن انتقال الأحرار إلى قلب النفوذ الانتخابي لغريمه الأساسي، في لحظة تشي بأن التوازنات التقليدية داخل جهة الرباط سلا القنيطرة تتعرض لهزات قوية.

وفق مصادر مطلعة، فإن هذا التحرك يعكس توجها جديدا داخل الأغلبية نفسها، حيث لا وجود لأي نية للذهاب نحو تحالفات انتخابية مسبقة قبل استحقاقات 2026، ما يعني أن كل حزب بات يتحرك وفق منطق “انتزع موقعك بنفسك”. وفي هذا السياق، بات واضحا أن حزب الأحرار يختبر حدود تأثيره داخل الدوائر التي يهيمن عليها منافسه، وفي مقدمتها “دائرة بنسعيد”، التي يتداول بعض الفاعلين السياسيين أنها ستكون مهددة أكثر من أي وقت مضى بفعل تغير المزاج الانتخابي وإصرار الأحرار على اختراقها.

هذا “التجرؤ” على واحد من أبرز قادة البام يحمل في عمقه إشارة إلى أن التنافس بين الحزبين داخل الجهة لن يكون عاديا، بل قد يتحول إلى صراع محتدم، خصوصا أن الجهة تعد خزانا انتخابيا وترابيا ذا وزن سياسي كبير. ويتوقع مراقبون أن يتحول الرباط وسلا وتمارة والقنيطرة إلى ساحات مركزية لحرب انتخابية مبكرة بين الطرفين.

التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال اللقاء لم تخفف من حدة الجدل، بل زادته اشتعالا. فقد اعتبر أن جهة الرباط سلا القنيطرة تجسد “صورة المغرب المتقدم” وهي “واجهة للتحولات التنموية التي تعرفها البلاد”، وهو توصيف أثار انتقادات واسعة، بالنظر إلى الواقع المتناقض الذي تعيشه عدة أقاليم تابعة لنفس الجهة.

ففي مقابل المشاريع المهيكلة التي عرفتها العاصمة الرباط، لا تزال مدن وأقاليم مثل القنيطرة وسيدي سليمان وسيدي قاسم والخميسات تعيش على وقع هشاشة تنموية مزمنة. وذهب عدد من النشطاء إلى دعوة رئيس الحكومة للنزول إلى “الاحياء المنكوبة”، حيث تتحول بعض المناطق إلى جزر معزولة مع أولى التساقطات، فيما تعاني طرق ومرافق أساسية من انهيار مستمر، ولا ترقى حتى إلى مستوى مراكز قروية صغيرة، كما هو الحال في سيدي يحيى وسوق الأربعاء وبلقصيري وغيرها.

ومن خلال هذا التباين الصارخ بين خطاب “المغرب المتقدم” وواقع “المناطق المهمشة”، تتعزز فرضية أن الدخول القوي للأحرار إلى معاقل البام ليس مجرد نشاط حزبي اعتيادي، بل بداية معركة انتخابية شرسة تُراد لها أن تعيد رسم الخريطة السياسية للجهة، وربما اختبار جاهزية قيادات البام ذاتها لمرحلة انتخابية قادمة، قد لا تكون مريحة لعدد منها، وفي مقدمتهم المهدي بنسعيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *