“قرصة أذن” للمغور بعد مداخلتها “المثيرة للجدل أمام أخنوش.. شبيبة الأحرار تعيد الحزب إلى دائرة الارتباك الخطابي

خرج حزب التجمع الوطني للأحرار من مرحلة الصمت الاضطراري التي دخلها منذ رجات حركة “جيل زيد”، ليعود إلى الواجهة محملا بزلات لسان جديدة تعكس هشاشة في التأطير السياسي داخل صفوف شبابه، وتعيد طرح سؤال النضج التنظيمي ومستوى الانضباط داخل هياكله.

آخر هذه الزلات جاءت من البرلمانية الشابة ياسمين لمغور، التي وجدت نفسها وسط عاصفة انتقادات واسعة بعد مداخلة ألقتها في مؤتمر حزبي بالرباط، لجأت فيها إلى تعبيرات وصفت داخل الحزب وخارجه بـ“غير الموفقة سياسيا”. مصادر مطلعة تؤكد أن جهة رفيعة داخل الحزب عبرت عن انزعاج صريح من صياغة لمغور، معتبرة أن تعبير “تجديد العهد” الذي استعملته ينطوي على رمزية تتجاوز حدود الخطاب الحزبي، ويحمل دلالات سيادية لا تستخدم إلا في سياق الدولة ومؤسساتها العليا.

المصادر نفسها تشير إلى أن الرسالة وصلت بسرعة إلى قيادة الحزب، حيث جرى التداول داخليا في ضرورة ضبط المفردات السياسية لدى المتحدثين باسم التجمع، والتنبيه إلى حساسية استعمال العبارات ذات الحمولة الدستورية. هذا “التنبيه الهادئ” تحول إلى ما يشبه “قرصة أذن” غير معلنة، دفعت لمغور إلى نشر تدوينة مطولة على صفحتها بفيسبوك حاولت فيها تدارك الموقف، مفسرة قصدها من عبارة “تجديد العهد” بأنه “تأكيد للثقة في رؤية رئيس الحزب وفي المسار الإصلاحي الذي يقوده”.

غير أن التوجيه الداخلي، وفق المعطيات المتوفرة، لم يكن موجها إلى لمغور فقط، بل شمل دائرة أوسع من قيادات الشباب داخل الحزب. فالأحرار، الذين يحاولون استعادة المبادرة السياسية بعد فترة ارتباك، وجدوا أنفسهم مطالبين بتصويب الخطاب وتحديد المسافة الفاصلة بين الحماسة التنظيمية واحترام الرموز الوطنية.

الكلمة التي ألقتها لمغور كانت كفيلة بإطلاق موجة انتقادات واسعة، بحيث رأى فيها جزء كبير من المتفاعلين نزوعا نحو شخصنة الدور الحزبي وإضفاء طابع شبه “بيعة سياسية” لرئيس الحزب، فيما اعتبرها آخرون تجاوزا لحدود اللياقة الدستورية عبر استعارة مفردات ذات حمولة سيادية غير قابلة للتصرف في المجال الحزبي.

عودة التجمع الوطني للأحرار إلى واجهة النقاش العمومي بهذا الشكل تكشف أن الحزب، رغم محاولاته لتلميع صورته بعد ضغط الشارع، ما زال يجر خلفه إشكالات أعمق مرتبطة بنوعية التأطير السياسي لشبيبته، وحدود الانضباط داخل قنواته التنظيمية، وقدرته على ضبط رسائله قبل خروجها إلى الرأي العام.

وبينما يحاول الحزب إعادة ترتيب بيته الداخلي، يبقى سؤال الجاهزية السياسية لشبيبته قائما، خصوصا في ظرفية سياسية دقيقة حيث كل زلة خطابية تتحول بسرعة إلى وقود إضافي للاحتقان، وتعكس هشاشة لا يبدو أن “الأحرار” قادرون على إخفائها رغم محاولات التهدئة والتوضيح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *