ثروة أخنوش تقفز إلى 1.6 مليار دولار.. تضارب المال والسلطة يعود إلى الواجهة

أعادت الأرقام الجديدة التي نشرتها مجلة فوربس بخصوص ثروة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، إشعال النقاش حول حدود التداخل بين النفوذ المالي والسلطة السياسية بالمغرب. فقد أكدت البيانات أن أخنوش حافظ على موقعه كثاني أغنى رجل في المملكة بثروة بلغت نحو 1.6 مليار دولار، بارتفاع يقارب 100 مليون دولار منذ غشت الماضي، ما يعكس استمرار توسع إمبراطوريته الاقتصادية في ظرفية يتصدر فيها رأس الهرم التنفيذي.

المسار المالي والسياسي لأخنوش يجعل منه حالة استثنائية في المشهد المغربي. فالرجل الذي ولد بتافراوت سنة 1961 وتخرج من جامعة شيربروك الكندية في تدبير الشركات، بنى حضوره من خلال تطوير مجموعة واسعة من المشاريع منذ التسعينات، قبل أن ينتقل بثقله إلى دوائر القرار السياسي. تولى رئاسة جهة سوس ماسة درعة بين 2003 و2007، وكان عضوا في مجموعة التفكير لدى الملك الحسن الثاني، ثم قاد وزارة الفلاحة والصيد البحري لأربع عشرة سنة قبل أن يصبح زعيما لحزب التجمع الوطني للأحرار سنة 2016، وصولا إلى رئاسة الحكومة إثر انتخابات 2021.

اقتصاديا، يقود أخنوش مجموعة “أكوا” التي أسسها والده سنة 1932، والتي تحولت إلى واحدة من أضخم المجموعات في البلاد بفضل حضورها القوي في قطاعات الطاقة والغاز والكيماويات. وتملك المجموعة شركات عملاقة مدرجة في البورصة مثل “أفريقيا غاز” و”مغرب أوكسجين”، وتستحوذ وفق تقديرات السوق على نسب مؤثرة تقدر ب 40% من سوق المحروقات، و45% من سوق غاز البوتان، و62% من سوق الغاز المسال.

وبينما يأتي أخنوش في المرتبة الثانية مغربيا بعد عثمان بنجلون (1.9 مليار دولار)، وفي المرتبة 2337 عالميا، فإن صعوده المالي المتواصل يرافقه جدل عام حول ما يعتبره منتقدون “منطقة رمادية” في علاقة المال بالسلطة. فعدد من الفاعلين السياسيين والحقوقيين يثيرون شبهة تضارب المصالح، خاصة بعد فوز شركات مرتبطة بمجموعته بصفقات كبرى، أبرزها صفقة محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء التي أثارت نقاشا محتدما حول شروط المنافسة والشفافية.

في المقابل، تؤكد الجهات الرسمية أن الصفقات العمومية تتم وفق المساطر القانونية وأنها خاضعة للرقابة الإدارية والمالية، معتبرة أن أي تأويل خارج ذلك يدخل في إطار التوظيف السياسي للنقاش.

ومع استمرار هذا الجدل، يبقى السؤال قائما حول الحدود الفاصلة بين الثروة والقرار العمومي. فبينما يقدم أخنوش نفسه باعتباره رجل دولة يركز على تنفيذ التزامات حكومته، تظل قوته الاقتصادية عاملا حاسما في تقييم تأثيره داخل المشهد السياسي والاقتصادي، ما يجعل ثروته ليست مجرد رقم في قائمة فوربس، بل عنصرا مركزيا في معادلة السلطة بالمغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *