قبل زيارة عامل شفشاون.. قائد الجبهة خارج القانون وتعطيل مصالح المواطنين بلغ مداه

بعد يومين فقط من الزيارة المرتقبة لعامل إقليم شفشاون إلى منطقة الجبهة، تعود إلى الواجهة حالة التذمر الواسع التي تعيشها الساكنة منذ سنة ونصف، بسبب ما تعتبره اختلالات عميقة في تدبير الشأن المحلي من طرف قيادة الجبهة. فخلال هذه الفترة، تحولت شكايات المواطنين وارتسامات الفاعلين المحليين إلى ما يشبه “دفتر احتجاجات مفتوح”، يضع في قلبه جملة من الممارسات المرتبطة بالملك العام، وطريقة تدبير الملفات، وانطباعات حول الشطط المفترض في استعمال السلطة.
وتشير مصادر محلية متطابقة إلى أن القائد، الذي يفترض أن يكون الجهة الأولى الحاضنة لمطالب السكان، تحول بالنسبة لكثيرين إلى حاجز بيروقراطي إضافي، يعطل مصالحهم ولا يسهلها. وأبرز مثال على ذلك ملف رخصة استغلال مطعم، الذي ظل مجمدا منذ 20 يناير 2024، رغم استكمال صاحبه للإجراءات عبر منصة الرخص الوطنية. فرغم توجيه الجماعة لثلاث مراسلات رسمية إلى قائد القيادة، يوم 12 فبراير 2025، ثم 6 ماي 2025، وأخيرا 24 يوليوز 2025، ورغم هذه المراسلات الرسمية، لم يقدم القائد أي جواب. لا موافقة ولا رفض معلل. وهو في حد ذاته سلوك إداري يخرق روح القانون، ويعطل مصالح الناس، ويشكل تعسفا في استعمال السلطة، لأن الإدارة ملزمة قانونيا بالرد في آجال معقولة، ولا يحق لها رهن مشاريع المواطنين في الفراغ.
إن رفض القائد، أو امتناعه المقصود، عن تقديم ملاحظته ليس مجرد خطأ إداري عابر، بل ممارسة خطيرة لها تأثير مباشر على الاستثمار، وعلى فرص العمل، وعلى صورة الدولة نفسها في منطقة تعاني الفقر والتهميش. فالقائد هنا لا يعطل رخصة فقط، بل يعطل نسقا اقتصاديا محليا كاملا
هذا التعطيل المتعمد للملفات رافقه، بحسب شهادات كثيرة، تعامل غير متوازن مع الملك العام، وانتقائية في تطبيق القانون، وقرارات وصفتها الساكنة بأنها تصدر مزاجيا لا وفق معايير واضحة، ما جعل العلاقة بين القيادة والمواطنين تدخل مرحلة غير مسبوقة من التوتر.
وتشير معطيات ميدانية إلى أن مظاهر أخرى من سوء التدبير برزت خلال الفترة الماضية، منها ما يرتبط باحتلال الملك العام بطريقة تثير الشكوك حول معايير الضبط والمراقبة، ومنها ما يتعلق بالتعامل الانتقائي مع بعض الملفات. هذه الوضعية جعلت سكان الجبهة يشعرون بأن المنطقة تسير خارج أي منطق مؤسساتي واضح، وأن السلطة المفترض أن تكون ضامنا للانصاف أصبحت جزءا من الإشكال، لا جزءا من الحل.
ولعل زيارة عامل شفشاون تمثل فرصة حقيقية لإعادة ترتيب البيت الترابي بالمنطقة، بعد سنة ونصف من التوتر الصامت. فالعامل، باعتباره ممثل الدولة وضامن احترام القانون، مطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بفتح تحقيق في تعطيل الرخص القانونية، ومراجعة طريقة تدبير الملك العام، مع تقييم أداء القائد ومراقبة ممارساته، وضمان احترام آجال الرد على ملفات المواطنين
ووضع حد لأساليب الشطط التي دمرت الثقة بين المواطن والإدارة وأنتجت حالة من الاحتقان.
إن الجبهة اليوم تنتظر زيارة العامل كباب أمل، وكفرصة لمعالجة اختلالات تراكمت طيلة السنة والنصف الماضية. والأكيد أن معالجة مثل هذه الملفات ليست شأنا ثانويا، بل هي جزء أساسي من تخليق المرفق العمومي، ومن تعزيز الثقة بين المواطن والدولة، ومن إعطاء معنى حقيقي لوجود المؤسسات الترابية، وبالتالي فبقاء الوضع على ما هو عليه يعني شيئا واحدا وهو أن الدولة تقبل أن تتحول قيادة بأكملها إلى فضاء يشتغل خارج الرقابة، وأن مصالح الناس يمكن أن تعلق حسب مزاج مسؤول واحد.
فهل تكون زيارة العامل بداية إصلاح جذري؟ أم ستستمر الأمور على ما هي عليه، مع مزيد من الملفات العالقة، ومزيد من الساكنة التي تشعر أنها تركت لوحدها في مواجهة تعسف إداري غير مبرر؟ فهل يكون عامل الإقليم في مستوى اللحظة؟ أم أن ساكنة الجبهة ستبقى رهينة قائد يعتقد أن الصمت الإداري سلطة وأن انعدام الجواب جواب؟