زلزال الحوز يعود إلى الواجهة.. المتضررون يفندون الرواية الرسمية ويكشفون ثغرات الإعمار

ما تزال تداعيات زلزال الحوز، بعد أكثر من عام على وقوعه، تلقي بظلالها الثقيلة على المشهد الاجتماعي والإنساني في المناطق المنكوبة. فقد خرجت التنسيقية الوطنية لضحايا الزلزال ببلاغ شديد اللهجة، فندت فيه المعطيات الرسمية التي تقدمها الحكومة بشأن وتيرة الدعم وإعادة الإعمار، معتبرة أن الخطاب الرسمي “لا يعكس الواقع الميداني” الذي يعيشه مئات الأسر في دواوير وجماعات الحوز وتارودانت وشيشاوة.

وأكدت التنسيقية أن مئات الأسر تم إقصاؤها من لوائح الدعم بصفة نهائية، رغم فقدانها لمنازلها كليا. وأوضحت أن من بين هذه الحالات أسر حرمت من الاستفادة لمجرد أن بعض أفرادها يتوفرون على بطاقات تعريف وطنية بمقرات عملهم في المدن، في حين أن مساكنهم الأصلية تقع فعليا ضمن المناطق المنكوبة. وهو ما اعتبرته التنسيقية خللا في منهجية الإحصاء واعتمادًا على معايير تقنية “غير منصفة”.

البلاغ، الصادر عقب لقاء جمع أعضاء التنسيقية بالأمين العام لحزب الحركة الشعبية، كشف أيضا أن العديد من الأسر ما تزال تعيش في ظروف قاسية داخل الخيام، رغم مرور شهور طويلة على الكارثة، دون حصولها على التعويضات الضرورية لإعادة البناء أو حتى دعم مرحلي يخفف من وطأة الشتاء القادم.

وتوقفت التنسيقية عند ما وصفته بـ“الارتباك الإداري” في تحديد طبيعة الأضرار، مشيرة إلى أن المبلغ المخصص للهدم الجزئي (80 ألف درهم) شمل آلاف الأسر التي دمرت مساكنها بالكامل، مما حرمها فعليا من المبلغ الأعلى المخصص للهدم الكلي، وأدى إلى اختلال في العدالة التعويضية. كما نبهت إلى البطء الكبير في إعادة بناء المؤسسات التعليمية، مما أثر على الحق في التعليم وعمق معاناة التلاميذ والأسر في المناطق الجبلية المعزولة.

وفي سياق متصل، دعت التنسيقية إلى إجراء إحصاء ميداني جديد “عادل وشفاف”، يعيد تصحيح لوائح الدعم وفق معايير واقعية تضمن عدم تكرار الإقصاء، وتمكين جميع المتضررين من حقوقهم القانونية والمادية دون تمييز. كما طالبت بإحداث لجنة استطلاع برلمانية ولجنة لتقصي الحقائق للوقوف على ما وصفته بـ“الخروقات والمخالفات التي شابت عملية تدبير ملف الدعم”.

حقوقيون ومتابعون للشأن المحلي يرون أن البلاغ الأخير يعكس تنامي فجوة الثقة بين المتضررين والإدارة، في ظل ما يعتبرونه غيابا للتواصل الفعّال وغياب المعلومة الدقيقة حول معايير الاستفادة. كما يشيرون إلى أن البرنامج الملكي لإعادة الإعمار، رغم طابعه الطموح، يواجه صعوبات في التنزيل الميداني بسبب التعقيدات البيروقراطية وضعف التنسيق بين القطاعات المعنية.

من جهة أخرى، أثارت التنسيقية قضية الدعم النفسي والاجتماعي، خصوصًا للأطفال والنساء الذين عاشوا تجربة الزلزال وفقدان المأوى، معتبرة أن هذه الفئة “غائبة عن الحسابات الرسمية”، رغم أن الأثر النفسي للكارثة لا يقل أهمية عن الأضرار المادية.

ويعيد هذا الجدل إلى الواجهة سؤالا جوهريا حول مستقبل إعادة الإعمار في المناطق المنكوبة، فهل يمكن أن ينجح المشروع في تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة ما لم يعد النظر في أساليب التتبع والمراقبة والمحاسبة؟ فبين رواية رسمية تؤكد التقدم في الأشغال، وصوت ضحايا يقول إن المعاناة لم تنته بعد، تبقى الحقيقة الميدانية وحدها القادرة على حسم الجدل بين الأرقام والواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *