بعد الخطاب الملكي.. “جيل زد” تدعو لوقفات وطنية السبت 18 أكتوبر وتوسع حملة المقاطعة الاقتصادية

في سابقة تنذر بتحول نوعي في التعبئة الشبابية بالمغرب، دعت حركة “جيل زد” إلى تنظيم وقفات احتجاجية سلمية يوم السبت 18 أكتوبر في أغلب مدن البلاد، معلنة عن توسيع حملة المقاطعة الاقتصادية التي أطلقتها خلال الأسابيع الماضية، وتطوير ما سمته “أشكال التعبئة السلمية”.

تأتي هذه الدعوة بعد أيام فقط من الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام البرلمان، في سياق اجتماعي متوتر يتسم بتصاعد المطالب الشبابية بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

تقول الحركة في بلاغها إنها اتخذت القرار بعد “نقاشات داخلية مسؤولة وعملية تصويت واسعة” شارك فيها أعضاؤها، مؤكدة أن تحركاتها المقبلة ستظل “سلمية ومشروعة”، وتركز على “الحق في تعليم جيد وصحة لائقة، ومحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، والإفراج عن معتقلي الرأي”.

الحركة، التي ولدت في الفضاء الرقمي وتضم في صفوفها نشطاء من مختلف المدن والطبقات، تؤكد أنها بصدد “مرحلة جديدة” في عملها، تقوم على الجمع بين الفعل الميداني والضغط الافتراضي، معتبرة أن المقاطعة الاقتصادية “أداة سلمية للتعبير الشعبي ووسيلة لمساءلة الشركات والسياسات العامة”.

وينتظر أن تشكل وقفات السبت أول اختبار ميداني حقيقي لقدرة الحركة على الانتقال من الحشد الإلكتروني إلى الحضور في الشارع، خاصة بعد النقاشات التي شهدتها منصاتها حول جدوى الاستمرار في المقاطعة الرقمية مقابل ضرورة تنظيم مبادرات ميدانية أكثر تأثيرا.

ويرى متتبعون أن هذه الدعوة تعبر عن “نضج نسبي” داخل الحركة، إذ اختارت تأكيد طابعها السلمي وربط مطالبها بالإصلاح الاجتماعي والمؤسساتي، بعيدا عن أي شعارات سياسية حادة، وهو ما قد يضمن لها قاعدة دعم أوسع وسط الشباب.

في المقابل، لا تخفي بعض الأوساط الرسمية والسياسية قلقها من توسع رقعة الدعوات الرقمية غير المؤطرة حزبيا أو نقابيا، خصوصا في ظل احتقان اجتماعي متزايد، وتراجع الثقة في الوسائط التقليدية للتمثيل.

ويرى محللون أن تجربة “جيل زد” قد تشكل بداية لمرحلة جديدة من “النشاط المدني الشبكي”، حيث يمتزج الفضاء الرقمي بالفعل الميداني في معادلة يصعب ضبطها أو تجاهلها.

وفي موازاة التحضير للوقفات، أعلنت الحركة عن مقاطعة حضور مباراة المنتخب المغربي المقررة غدا الثلاثاء بالرباط، معتبرة أن هذه الخطوة “رمزية وسلمية” تهدف إلى لفت الانتباه إلى أولوية المطالب الاجتماعية دون المس بصورة المنتخب أو الروح الوطنية. وجاء في البلاغ، “نحب المنتخب ونعتز برايته، لكننا نرى أن التعبير السلمي عن مطالبنا الاجتماعية لا يتناقض مع حب الوطن”.

دعوة “جيل زد” للاحتجاج تمثل أول تحرك ميداني منظم للحركة منذ أسابيع، وقد تعيد إلى الواجهة النقاش حول علاقة الشباب بالسياسة وبآليات التعبير السلمي، في وقت تتزايد فيه مؤشرات الفجوة بين الأجيال الجديدة ومؤسسات الوساطة التقليدية.

وبين من يرى في هذه الدعوة صحوة مدنية جديدة ومن يخشى تأجيج الشارع في ظرف دقيق، يبقى المؤكد أن “جيل زد” يضع نفسه اليوم في قلب المشهد، كصوت شبابي يسعى إلى أن يسمع خارج جدران العالم الافتراضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *