شرخ في بيت الحكومة.. البام يتمرد على الأحرار

بقلم | هيئة تحرير المستقل
الأحد 12 أكتوبر 2025 – 02:36

تعيش الأغلبية الحكومية على وقع توتر صامت بدأ يطفو إلى السطح بين مكونيها الرئيسيين، التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، في وقت تزداد فيه التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الخلافات تشكل فعلا بوادر تفكك التحالف، وربما بداية مسار خروج “الجرار” من الحكومة.

مصادر مطلعة كشفت أن العلاقة بين الحزبين وصلت إلى مستوى غير مسبوق من التوتر السياسي، بعد تراكم خلافات داخلية حول تدبير ملفات حساسة، أبرزها البرنامج الاستعجالي الذي تسعى الحكومة إلى إطلاقه، وكذا مضامين مشروع قانون المالية لسنة 2025.

وحسب المصادر ذاتها، فإن كل طرف يحاول الدفع باتجاه ضمان حضور قوي للقطاعات التي يشرف عليها داخل هذا البرنامج، ما جعل الاجتماعات الأخيرة للأغلبية تعرف احتكاكات واضحة، دون التوصل إلى صيغة نهائية ترضي الجميع.

وتشير المعطيات إلى أن الخلاف تفاقم بعد احتجاجات “جيل زد”، التي وضعت الحكومة أمام امتحان صعب وأحرجت مكوناتها، فبينما حاول التجمع الوطني للأحرار الدفاع عن حصيلته، بدا “البام” أكثر ميلا إلى اتخاذ مسافة نقدية، وهو ما اعتبر داخل دوائر الأحرار بداية تموقع جديد قد يحمل في طياته نزعة معارضة من داخل الحكومة نفسها.

النفحة “المعارِضة” لحزب الأصالة والمعاصرة ستظهر، بحسب المصادر، ابتداء من جلسة الأسئلة الشفوية المقبلة في مجلس النواب، حيث يتوقع أن تكون مداخلات نوابه أكثر حدة تجاه وزراء من أحزاب الأغلبية، خصوصا التجمع الوطني للأحرار. خطوة كهذه، إن تأكدت، ستكون مؤشرا سياسيا قويا على تغير موازين التحالفات داخل البيت الحكومي.

الأكثر من ذلك، تقول المصادر إن التحالف بين “الأحرار” و”البام” بات شبه منتهي من الناحية الاستراتيجية، إذ لا يتوقع أن يتكرر في الانتخابات المقبلة، إلا إذا قاد “الجرار” الحكومة المقبلة، حينها فقط قد ينفتح على “الأحرار” كشريك ثانوي.

هذا الوضع المعقد يضع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في موقف حرج، خصوصا في ظل الضغوط المتزايدة التي يواجهها جراء فشل عدد من القطاعات التي يشرف عليها حزبه في تحقيق نتائج ملموسة، فبعد أن خاض معارك شرسة لتوسيع حقائب الأحرار داخل الحكومة، يجد نفسه اليوم أمام معضلة في الحفاظ على تماسك فريقه، الذي بات يتصدع من الداخل.

ومع اقتراب مناقشة مشروع قانون المالية بالبرلمان، يبدو أن الأغلبية أمام اختبار جديد قد يحدد مآل هذا التحالف الحكومي، فإما أن تنجح في ترميم الشرخ وتوحيد الرؤية، أو أن يتحول الخلاف إلى قطيعة سياسية تمهّد لمرحلة جديدة في المشهد الحزبي المغربي.

وفي انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، يظل السؤال مفتوحاً: هل ما يقع مجرّد سحابة عابرة فوق سماء الحكومة، أم بداية حقيقية لنهاية تحالف وُلد على عجل تحت شعار “الاستقرار”، وها هو اليوم يترنّح تحت وطأة المصالح المتضاربة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *